واقـــع الطرقـــات في تــونس:
تتناول هذه الورقة البحثية التحليلية الوضع الراهن لشبكة الطرقات في تونس، تحاول استعراض التحديات الجوهرية التي تواجهها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. تعد شبكة الطرقات عنصرا حيويا للتنمية، إلا أن فعاليتها تظل محدودة رغم الاستثمارات الكبيرة.
تظهر النتائج أن جودة الطرقات في تونس، وفقا لتقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي 2019، قد سجلت 3.6 نقطة من مجموع 7، مما يضعها في المرتبة 97 عالميا. ويعكس هذا التصنيف تدهورا مستمرا، خاصة وأن الدولة استثمرت ما يقارب 3.9 مليار دولار بين عامي 2016 و2020 في توسعة وصيانة الشبكة، دون تحقيق الأثر المأمول.
تعزى هذه الفجوة بين الاستثمار والأثر إلى عدة عوامل، أبرزها غياب الصيانة الوقائية والدورية الفعالة، ومشاكل هيكلية في جودة الإنجاز لا تراعي الخصوصيات الجيولوجية والمناخية للمناطق (كما هو الحال في أجزاء من الطريق السيارة تونس-باجة والطريق السيارة تونس سوسة والكثير من الطرقات الوطنية و الجهوية)، ونقص في البنية التحتية المساعدة كعلامات التشوير وأنظمة الصرف الصحي، خاصة في الطرقات الجهوية والمحلية التي تعاني من تآكل واسع للطبقة الإسفلتية و حفر كثيرة كالطريق الجهوية قفصة القصرين.
تترتب على هذا الوضع تداعيات سلبية متعددة كزيادة تكاليف التشغيل والصيانة للعربات، ارتفاع معدلات حوادث المرور، وإعاقة حركة التجارة والاستثمار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل وتراجع تنافسية المنتجات. كما يساهم سوء حالة الطرقات في تعميق الفوارق التنموية بين المناطق الساحلية والداخلية، ويحد من وصول المواطنين إلى الخدمات الأساسية.
توصي الورقة بضرورة مراجعة شاملة لسياسات التخطيط والإنجاز والصيانة، مع التركيز على تعزيز الحوكمة والشفافية في إسناد المشاريع ومراقبة جودتها خاصة في مرحلة الانجاز. كما تدعو إلى تخصيص ميزانيات كافية للصيانة الوقائية، وإيلاء أولوية قصوى لتأهيل الطرقات الجهوية والمحلية، لضمان بنية تحتية طرقية مستدامة تدعم التنمية الشاملة وتساهم في تحقيق العدالة المجالية.